ذي اندبندنت: رغم أهمية سليماني، "قوة القدس" لن تنهار بعده
"حرس الثورة الإسلامية" يتمتع بهيكلية معقدة للغاية، ولن ينهي مقتل القائد العلاقات مع الجماعات المسلحة الحليفة.
رأت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية في مقالة لمراستلها في الشرق الأوسط بِل ترو أن الفريق قاسم سليماني، "القائد الغامض الذي أشرف على قتل مئات الجنود الأميركيين في العراق، كان الممثل الاكثر وضوحاً للمصالح العسكرية الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة. لكن الحقيقة هي أن اغتياله لن يضر بشكل كبير بقدرات حرس الثورة الإيرانية الذي يتمتع بهيكل معقد للغاية ولن يؤدي الى نهاية العلاقات مع الجماعات المسلحة القوية في المنطقة".
وقالت الصحيفة: "مع تبجيله واعتباره كأحد أعظم شهداء إيران من قبل أنصاره قد يكون لاغتيال سليماني في الواقع تأثير معاكس لما أرادته الولايات المتحدة. والدليل عمليات الاغتيال في السابق التي لم تؤدٍ إلا إلى مزيد من دعم هذه الجماعات كاغتيال عماد مغنية عام 2008 على سبيل المثال.. ولا شيء يؤكد هذه الحقيقة أكثر من مشاهد نعش سليماني محمولاً في مسيرات جنائزية ضخمة في أنحاء ايران. يوم الأحد عرضت مشاهد من مدينة الأهواز في غرب إيران لعشرات الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف من الناس الذين خرجوا إلى الشوارع. أنصار سليماني أقاموا له تجمعات مماثلة في العراق ولبنان وغزة".
أضافت الصحيفة أنه بالرغم من الأهمية والكاريزما التي كان التي يتمتع بها سليماني إلا أنه "لم يكن الشخص الوحيد الذي يمكن أن يجذب المؤيدين في جميع أنحاء المنطقة. كما أنه لم يكن المهندس الوحيد لحرب إيران بالوكالة".
وتابعت "ذي اندبندنت" أن اسماعيل قآني خليفة سليماني كان نائباً له وصديقه وهو أيضاً كان من قدامى المحاربين في الحرب الإيرانية-العراقية عام 1980، مشيرة الى أنه في الوقت الذي كان فيه سليماني يعمل على الجبهة الغربية لإيران في أماكن مثل سوريا والعراق ولبنان كان نائبه أكثر تركيزاً على الشرق - بما في ذلك إدارة العمليات في أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى. علماً ان قآني لا يخاطر كما سليماني ولا يتجول في الخطوط الأمامية من دون ارتداء أي دروع واقية. وتنقل عن احد الخبراء في الشأن الايراني إنه في الوقت الذي كان سليماني نشطًا في توجيه المجهود الحربي وحشد الدعم الشعبي له، كان قآني منشغلاً بالشؤون البيروقراطية داخل حرس الثورة.
من جهتها، تناولت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية في مقالة للكاتبة نسرين مالك التهويل الأميركي بالحرب العالمية الثالثة التي باتت "ترند" على السوشيل ميديا، وقالت إنه "لن تكون هناك حرب عالمية جديدة - هذا النوع من الحديث يظهر فقط مدى فعالية آلة الدعاية الأميركية في تكريس الانطباع بوجود تهديد قاتل من قبل طهران. لقد تم تبرير مقتل سليماني بأنه إجراء دفاعي ضد الهجمات المحتملة على السفارات والقنصليات والقوات العسكرية الأميركية في سوريا والعراق ولبنان. كان التخطيط "واضحاً ولا لبس فيه" وفقًا للواء مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية.
تسأل الصحيفة: هل يبدو أي شيء من هذا مألوفاً؟ وتجيب أن ما يجري اليوم هو اعادة تدوير لحيلة الغزو الأميركي المأساوي للعراق عام 2003 مع فارق هذه المرة وهو أن أحداً لم يبذل جهداً للخروج بملف جاهز شبيه بـ"أسلحة الدمار الشامل" في غضون 45 دقيقة لتبرير شن هجوم.
تضيف "الغارديان" أن ما سيحدث بدلاً من الحرب العالمية الثالثة هو تصعيد تسعى فيه إيران إلى إعادة تأكيد هيمنتها في المنطقة.
كما نقلت صحيفة "ذي غارديان" عن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خيبة أمله من رد الفعل الأوروبي على اغتيال سليماني، مما يشير إلى أن المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا لم تكن داعمة بما فيه الكفاية لعملية الاغتيال.
وقارن بومبيو الرد الأوروبي غير المتناسب مع ردود "شركاء الولايات المتحدة في المنطقة"، في إشارة مرجحة إلى إسرائيل والسعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي استشارها بومبيو بعد اغتيال سليماني.
وقال بومبيو لقناة فوكس نيوز: "قضيت آخر يوم ونصف أو يومين، وأنا أتحدث مع شركاء في المنطقة، وأطلعهم على ما فعلناه، ولماذا فعلنا ذلك، وطلبت مساعدتهم. لقد كانوا جميعهم رائعين. ثم تحدثت مع شركائنا في أماكن أخرى ولم يكونوا جيدين". وأضاف: "بصراحة، لم يكن الأوروبيون مساعدين كما كنت أتمنى أن يكونوا كذلك. يجب على البريطانيين والفرنسيين والألمان أن يفهموا أن ما فعلناه، وما فعله الأميركيون، أنقذ الأرواح في أوروبا أيضاً".
وزعم بومبيو أن الفريق "قاسم سليماني قد قاد وحرس الثورى الإيراني حملات الاغتيال في أوروبا. كان هذا (الاغتيال) شيئاً جيداً للعالم بأسره، ونحن نحض الجميع في العالم على أن يدعموا ما تحاول الولايات المتحدة فعله لجعل جمهورية إيران الإسلامية تتصرف ببساطة كأمة طبيعية".
وأشارت الغارديان إلى أن رد الفعل الأوروبي على مقتل سليماني ومرافقيه العراقيين الذين كانوا يسافرون معه في بغداد اتسم بالحذر والخوف. وبينما "أشارت الحكومات الأوروبية إلى دور سليمان المدمر في المنطقة، فقد دعت إلى ضبط النفس".
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن السياسة تجاه إيران كانت قضية خلافية للغاية بين الولايات المتحدة وأوروبا منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي متعدد الأطراف لعام 2015 مع إيران الذي فرض قيوداً صارمة على برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات. وألقى مسؤولون أوروبيون باللوم على جهود ترامب في خنق إيران اقتصادياً التي سببت التوترات المتزايدة في الخليج الفارسي.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك علامات فورية على أن مقتل سليماني على المدى القصير على الأقل من شأنه أن يحول دون جهود التحالف الواسعة للقضاء على تنظيم داعش. فقد أوقف حلف الأطلسي (الناتو) تدريباته لقوات الأمن العراقية، التي تقودها حالياً كندا، وكذلك قلصت مهمة مكافحة داعش التي تقودها الولايات المتحدة في المنطقة، أنشطتها، بما في ذلك تدريب وحدات مكافحة الإرهاب العراقية.
وقال مايكل نايتس، الخبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى للغارديان: "خلال الأيام القليلة الماضية، أوقفنا حرفياً المعركة ضد داعش - لقد توقف كل شيء". وأشار إلى أن حملة مكافحة داعش قد أعيقت بالفعل بشدة خلال العام الماضي حيث وسعت الميليشيات الشيعية نفوذها. تم منع القوات التي تقودها الولايات المتحدة من التحليق فوق جزء كبير من العراق ومنعوا من التواصل مع القوات القبلية السنية، والتي كان ينظر إليها على أنها جزء مهم من استراتيجية للحفاظ على قمع "داعش". كما أن تزايد تهديد الميليشيات يعني أن القوات الخاصة الأميركية اضطرت إلى التخلي عن المواقع البعيدة التي كانت تعمل بها مع وحدات الجيش العراقي، لأن مثل هذه الفصائل الصغيرة التي يبلغ قوامها 30 فرداً أصبحت ضعيفة للغاية.
وقال نايتس: "لا يمكنك فعل ذلك لأن هؤلاء الرجال يمكن أن يسهل عليهم قتلهم أو خطفهم على أيدي الميليشيات والإيرانيين. لقد كان من الصعب للغاية مواصلة عمليات مواجهة داعش في ظل هذه الظروف، والآن مع وجود تهديد كبير بالفعل لمواقع التشغيل، سيكون الأمر أصعب، وإذا طردونا من البلاد، سيكون الأمر أصعب أكثر".
وأوضح نايتس أنه إذا صوت البرلمان العراقي على طرد الجيش الأميركي، فستغادر الدول الشريكة الأخرى في التحالف أيضًا. وقال إن هذا التحالف يعمل وفقاً لواشنطن، وهذا يعني أن تلك البلدان التي جاءت مع الولايات المتحدة، سوف تغادر مع مغادرتها.
ترجمة: الميادين نت