سوريا عادت... ورياضتها تتعافى
يبدو المشهد مُختلفاً اليوم في الرياضة السورية عن السنوات الأخيرة. البلاد عادت لتضجّ بنشاط وحيوية رياضييها الذين يُحقّقون إنجازات خارجية، والكثير من الملاعب والمنشآت المُدمرّة بدأت مرحلة الترميم. عادت رياضة سوريا لتبتسم.
لم تكن الرياضة السورية بمنأى عن الحرب في البلاد. دفعت الرياضة تكلفة باهظة. سقط رياضيون شهداء وتعرّض آخرون لإصابات ودُمّرت منشآت رياضية بفعل استهداف الجماعات الإرهابية لها. كانت سوريا تنزف، ورياضتها تنزف.
المشهد اليوم يبدو مختلفاً. ها هي سوريا تستعيد عافيتها تدريجياً ورياضتها بدأت تتنفّس الصعداء ليس في العاصمة دمشق فحسب. المنشآت تنفض عنها غبار الحرب، والفرحة تعود إلى المدرّجات، والحيوية تملأ الملاعب في مختلف الرياضات.
ليس خافياً أن إنجاز المنتخب السوري لكرة القدم التاريخي بنتائجه الرائعة في تصفيات مونديال روسيا 2018 عندما تمكّن، رغم كل المُعاناة وخوضه مبارياته خارج سوريا، من الوصول إلى الملحق أمام أستراليا وكان قريباً من الوصول إلى الملحق الأخير لولا أن كرة النجم عمر السومة اصطدمت بالعارضة، فإن هذا الإنجاز أعطى دفعاً معنوياً هائلاً للرياضة السورية ولعودة الحياة الرياضية في البلاد بنشاط وقوّة.
آخر الغيث كان قبل أيام قليلة عندما أحرز المنتخب السوري للشابات في كرة السلّة المركز الثالث في بطولة آسيا التي أُقيمت في مدينة بنغالور الهندية بعد فوزه على هونغ كونغ وبعد أن حقّق الفوز في جميع مبارياته في دور المجموعات، بحسب ما أوردت وكالة "سانا".
قبلها أيضاً حقّق منتخب سوريا للكينغ بوكسينغ ميداليتين ذهبيتين في البطولة العربية التي أٌقيمت في الجزائر، كما أن لاعبة منتخب سوريا للسباحة البطلة الدولية بيان جمعة حقّقت ميدالية ذهبية في سباق 50 متراً وميدالية برونزية في سباق 100 متر في بطولة الأندية الفرنسية، عِلماً أنها كانت ثاني سورية بعد البطلة الأولمبية غادة شعاع تتأهّل إلى الأولمبياد.
هذه الإنجازات وغيرها حصلت في الفترة الأخيرة وهي مؤشّر واضِح على بدء تعافي الرياضة السورية وعودتها إلى التنافُس على الساحات العربية والقاريّة والدولية. في الحقيقة، فإن كل مركز أو ميدالية يُحقّقها فريق أو رياضي سوري تُعادِل عشر ميداليات نظراً لما عانته الرياضة السورية في السنوات السبع الأخيرة. كل الميداليات هنا ذهب لسوريا.
جانب آخر من عودة الحياة إلى الرياضة السورية يمكن أن نجده في ملاعب كرة القدم التي تضجّ حالياً بالنشاط من خلال الدوري المحلي الذي يشهد تشويقاً في التنافُس بين العديد من الفِرَق على الصدارة، إذ يأتي حالياً الوحدة أولاً بفارق نقطة عن تشرين ونقطتين عن الجيش و3 نقاط عن الكرامة والشرطة و4 نقاط عن الساحل. أما في مُدرّجات الملاعب فتطغى فرحة الجماهير التي عادت لتحتشد في المُدرّجات وتمحي الصورة القاتِمة السابقة عندما فرغت هذه الأخيرة من روّادها.
كل هذا يترافق مع بدء الحكومة السورية بترميم المُنشآت والملاعب. في حلب مثلاً التي تعرّضت لدمارٍ هائلٍ بما فيها المُنشآت الرياضية، فإن 50 % من هذه الأخيرة بدأت مرحلة إعادة الترميم. منشأة نادي الجلاء الشهير استعادت بريقها وشهدت قبل فترة تخريج 400 طفل رياضي. هؤلاء الناشئة وأمثالهم الذين ولِدوا في الحرب هم مَن تعوّل عليهم سوريا لرسمِ غدٍ مشرقٍ لرياضتها.
هكذا، فإن الرياضة السورية عادت لتبتسم. الموعد المهم المقبل سيكون في نهائيات كأس آسيا لكرة القدم التي يشارك فيها منتخب "نسور قاسيون". السوريون يترقّبون إنجازاً جديداً على غرار تصفيات المونديال الروسي. ينتظرون فرحة جديدة يستحقّونها بعد سنوات الأحزان.