توازن قوّة صيني أميركي في سوريا!

لا يمكن فصل توقيت القرار الصيني عن مشاركة بكين في إعادة إعمار سوريا، حيث تحتاج هذه العملية تأمين كامل العملية في وقت لم تظهر فيه بعد إلى العلن معالم الموقف الأميركي والحليف لواشنطن بشأن هذه المسألة، خاصة وأن مشاريع إعادة الإعمار ستلحظ بالتأكيد تمدّداً إقليمياً عبر الحدود.

أنباء عن نيّة الصين الحضور عسكرياً في سوريا بهدف مُحاربة "حركة تركستان الشرقية"

منذ بداية الحرب في سوريا، تميّزت الصين بموقفها من الأزمة من دون أن تلامس التدخّل العسكري المباشر عملًا بمبادئ السياسة الخارجية الصينية "الهادئة" في التعاطي مع الملفات الدولية.

غير أنّ التجربة الليبية التي لا تزال ماثِلة في الأذهان بالنسبة لكل من موسكو وبكين، دفعت الصين إلى دعم النظام الشرعي في سوريا عبر أشكال عديدة وصولاً إلى الدعم السياسي للتدخّل الروسي المباشر.

واليوم مع دخول الحرب السورية في محطتها العسكرية الأخيرة، بحسب ما توحي المُعطيات الميدانية، تبرز أكثر معالم الاستراتيجية الصينية في بلاد الشام، بفعل الحراك الدبلوماسي والاقتصادي الأخير.

فقبل أشهر، أعلنت الصين عن خطّة لإنشاء منطقة صناعية على الأراضي السورية تضم في مرحلة أولى 150 شركة بميزانية ملياري دولار، ما شأنه توفير 40 ألف فرصة عمل جديدة.

الإعلان الصيني عقب سلسلة زيارات استطلاعية لوفود اقتصادية شملت عدداً من المناطق السورية، وعلى رأسها دمشق و حمص.

ويبدو واضحاً أن بكين تستفيد من التسهيلات الرسمية السورية لمن تعتبرهم دمشق حلفاءها بهدف توفير امتيازات خاصة لهم في إعادة الإعمار.

وفي السياق نفسه، تندرج الأنباء عن نيّة الصين إرسال وحدتين من القوات الخاصة إلى سوريا، بهدف مُحاربة "حركة تركستان الشرقية"، بعد أن وجّه التنظيم المذكور رسالة تهديد مباشرة لبكين قبل أقل من شهر في استعراض عسكري على الأراضي السورية، عِلماً أن السلطات الصينية تتهم المقاتلين التركستان بتنفيذ "200 عمل إرهابي" في الصين في الأعوام الماضية.

ويُقدّر الخبراء عدد مقاتلي التركستان في سوريا بثلاثة إلى خمسة آلاف يقيمون في ريف إدلب الغربي و ريف اللاذقية الشمالي.

الأنباء عن نيّة الصين الحضور عسكرياً في سوريا أعقبت لقاء وزير خارجية الصين بمستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان الأسبوع الفائت.

ولا يمكن فصل توقيت القرار الصيني عن مشاركة بكين في إعادة إعمار سوريا، حيث تحتاج هذه العملية تأمين كامل العملية في وقت لم تظهر فيه بعد إلى العلن معالم الموقف الأميركي والحليف لواشنطن بشأن هذه المسألة، خاصة وأن مشاريع إعادة الإعمار ستلحظ بالتأكيد تمدّداً اقليمياً عبر الحدود.

كذلك، لا يمكن فصل الخطوة الصينية المتقدّمة بما يحصل في جنوب شرق آسيا، حيث تناور الولايات المتحدة بأكثر من ورقة قوة لتحقيق مصالحها، وبالتالي فإن أي حضور صيني فاعل غرب آسيا من شأنه تحقيق نوع من التوازن مع الولايات المتحدة الأميركية.

وفي حين تتضارب الأنباء في الإعلام الغربي حول عدد المستشارين الصينيين الموجودين في سوريا بالفعل منذ سنوات، تتقاطع عدّة تقارير حول أسلحة صينية نوعيّة استخدمتها القوات النظامية السورية  كما استخدمها حلفاؤها أيضاً في أكثر من معركة.

في كل الأحوال، من المؤكّد أن القرار الصيني بالانخراط أكثر في سوريا هو نتيجة أخرى من نتائج التحوّل العالمي الجديد نحو تعدّدية قطبية.

اخترنا لك