عبد الناصر في وثائقي الميادين.. رسالة إلى المستقبل
عشية ثورة يوليو-تموز 1952 حرص جمال عبد الناصر على الاستماع لسمفونيّة "شهرزاد". كان في هذه المعزوفة سرّ ما، أعطته طمأنينة قبل التحرّك، إذ هو ربما ذاهب إلى حتفه، أثناء محاولة الانقلاب العسكري على الملك فاروق.
يتخلّل الوثائقي ظهور شخصيات مهمة، هم أصحاب شهادة تاريخية لعبوا أدواراً في حياة الرئيس المصري الراحل، ومعلّقون قدّموا إضاءات، بعضهم من خلفيّات إسلامية وماركسية.
يصوّر الفيلم شريط حياة الرئيس المصري. رجل ترك بصمته على تاريخ مصر. نموذج مُلهم لأمّة. إذ رأى معظم المصريين فيه من يشبههم على غرار أسلافه. بساطته في التعامل مع الفقراء وقربه منهم أمر لم يعهده المصريون. رأت الشعوب العربية في عبد الناصر قائداً، يحمل قضايا الأمّة العربية وهمومها.
في شخصية عبد الناصر كاريزما واضحة، لا تتطلّب تحضير خطاب كامل وتلاوته عن الورقة. القدرة على الحديث أمام آلاف الجماهير واستقطاب شعبية واسعة من شعوب الدول الأخرى، فقد امتد تأثير خطاباته ليصل إلى العالم العربي.
وفي عام 1948، دخل مع الجيش المصري لمحاربة العصابات الصهيونية، بعدها عاد من فلسطين بقرارٍ قاطع بأن التغيير يجب أن يكون من القاهرة، وأنه وآخرون عليهم أن يكونوا رسل التغيير.
على صعيدٍ آخر، يتناول الوثائقي جانباً من حياة عبد الناصر البعيدة من الأضواء، العائلة وهوايات الرجل وبساطة أحلامه. فقد كان يحلم بأن يذهب إلى السينما ويتفرّج على واجهات المحال التجارية إلاّ أنّه حُرِم منهما لضرورات أمنية.
عبد الناصر "أوكورديون" لا ينتهي
ويضيف المعد الأساسي للوثائقي، ان المادة المُقدّمة هي عبارة عن قراءة نقدية "لم تحاول استحضار عبد الناصر كأسطورةٍ أو محاولة تمجيد له، الرجل لا يحتاج ذلك أساساً... الوثائقي هو دراسة من زوايا مُعيّنة، يُسلّط أضواء على زوايا مُعيّنة ربما كانت ظليلة".
يختصر خلف الطويل شخصية عبد الناصر بأنه "أوكورديون" لا ينتهي مداه. وقد عمل الفريق على تقسيم الفيلم إلى ستة محاور رئيسة، من بينها تأميم قناة السويس والإعلان عن قيام الوحدة العربية مع سوريا والصراع العربي الإسرائيلي وأميركا والإخوان. ويرى المؤرّخ أنّ هذه المواضيع لا تزال تُقرأ أرشيفياً وتحليلياً وأكاديمياً، وأيضاً وفق مُعطيات استجدّت تُضيء على هذه المرحلة.
يصف المُعدّ الأساسي للوثائقي مرحلة العمل التي استغرقت نحو عامين بأنها "غنية ومُرهقة" في آنٍ معاً. كان هناك حرص على إحداث تلاوين في الشخصيات.
ولا ينسى الحديث عن العلاقة بين عبد الناصر وأميركا، لأنّها هي التي حكمت وطبعت مسيرة كل ما جرى في حياة الأمّة العربية منذ منتصف الستينات إلى اليوم. ويوضح أنّ الصراع الذي دار بين عبد الناصر وأميركا، ومقاصد الأخيرة في المنطقة "هو الذي لا زال معنا. وبالتالي عندما نفهم سياسة أميركا نستطيع أن نعرف أكثر ما يحصل لنا الآن، أو لمنع أميركا من الإقدام على مُبتغاها". ورداً على سؤال حول القدرة على إعادة إحياء الوحدة العربية اليوم، يُجيب خلف الطويل بأنّ "مسألة الوحدة التي لم تكتمل، تعيش معنا الآن كفكرة وليس كشيءٍ مُتخيّل. إنها ضرورة. إن لم نمض وراءها وبها فنحن إلى زوال".ويضيف " نريد أن نقول من خلال الفيلم هذا ما فعله عبد الناصر في تلك الفترة وكيف لنا أن نأتي بهذ الفكرة (أي الوحدة العربية) من جديد إلى الناس بحيث تستقلبها كفكرةٍ نابضة بالحياة لأنها فعل ضرورة". ويختم خلف الطويل قائلاً إنّ الوثائقي هو تفسير لما جرى وما معناه في تلك الحقبة، وما له من علاقة بالمرحلة الراهنة والمستقبل. يعرض الجزء الأول من وثائقي "جمال عبد الناصر" الأحد 16 نيسان/ إبريل الجاري، الساعة التاسعة مساءً بتوقيت القدس الشريف، والثامنة مساءً يتوقيت القاهرة. أما الجزءان الثاني والثالث في 23 و30، من الشهر الجاري. والأجزاء الرابع والخامس والسادس والسابع في 7 ،14 و21 أيار/ مايو.
يعاد بث الجزء الأول من الوثائقي في 19 نيسان/ إبريل الساعة الحادية عشرة مساءً بتوقيت القدس الشريف، والعاشرة مساءً بتوقيت القاهرة.