كيف اغتال اللوبي الإسرائيلي عضو الكونغرس وليام فولبرايت معنوياً؟
خلص السيناتور الراحل وليم فولبرايت بعد تجربته المريرة في مواجهة اللوبي الصهيوني أنه "ليس هناك أمل في أن نتحدى اللوبي اليهودي"، إلا أنه يؤكد "أن أفعال "إسرائيل" الإجرامية سوف تؤدي في النهاية إلى انهيارها".
يعتبر السيناتور الراحل وليم فولبرايت (1905 – 1995) من أهم الشخصيات السياسية الأميركية في الكونغرس التي وقفت في وجه اللوبي الصهيوني، وأيضاً من أهم الشخصيات السياسية البارزة التي تم اغتيالها معنوياً. وقد عرف عنه بأنه معارضاً لمجمل السياسة الخارجية الأميركية.
ترأس فولبرايت لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس لمدة 15 عاماً (1959 - 1974). وكان النائب الوحيد الذي صوّت ضد اعتماد اللجنة الفرعية الدائمة المعنية بالتحقيقات في عام 1954، والتي كان يرأسها السيناتور جوزيف مكارثي.
عارض الحرب الأميركية على فييتنام. وخلال الستينيات وأوائل السبعينيات كان داعماً لأن يكون للكونغرس صلاحية في رقابة أكبر على سلطات رئيس الجمهورية بشأن قرارات الحرب.
وصفه زميله في الكونغرس وصاحب كتاب "من يجرؤ على الكلام "بولي فندلي الذي له عدة مؤلفات أخرى تفضح طريقة عمل اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، وصفه بالمعارض الكبير.
يرى فولبرايت أن مقاومة الرئيس دوايت أيزنهاور للضغوط الصهيونية – الإسرائيلية عام 1958 قوّت عزم محازبي "إسرائيل" على إنشاء معقلاً منيعاً لهم في الكونغرس. ويقول إنه و"بإشراف جمعية بناي برث ومنظمات يهودية كثيرة أخرى تم خلق أقوى لوبي سياسي في الولايات المتحدة".
في عام 1967 طالب فولبرايت "إسرائيل" بالانسحاب من جميع الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، وانتقد سياسة الاستيطان الإسرائيلية التي تهدف إلى إقامة "إسرائيل" الكبرى، وأعلن بكل شجاعة أن "إسرائيل" لا يمكن أن تحصل على الأرض والسلام في الوقت نفسه، بل يجب عليها أن تتنازل عن الأرض لكي تنعم بالسلام.
وقد خلص بعد تجربته المريرة في مواجهة اللوبي الصهيوني أنه "ليس هناك أمل في أن نتحدى اللوبي اليهودي"، إلا أنه يؤكد "أن أفعال "إسرائيل" الإجرامية سوف تؤدي في النهاية إلى انهيارها".
أكثر ما أزعج اللوبي الصهيوني هو ظهور فولبرايت على أحد برامج شبكة (السي بي أس) عام 1973، وتأكيده أن الإسرائيليين يتحكمون في السياسة داخل مجلس النواب والشيوخ، لافتاً إلى أنه في كل اختيار يجري داخل مجلس الشيوخ بشأن أي شيء يهتم به اليهود، يحصل هؤلاء على حوالى 75 أو 80 صوتاً من أصل 100 صوت يؤيدون "إسرائيل" تأييداً أعمى وبدون أي موضوعية أو مراعاة لحقوق الفلسطينيين، بحسب تعبيره. ويضيف فولبرايت "لو رأيتم ما جرى في الكونغرس حول "تعديل جاكسون" لمنح "إسرائيل" مساعدات إضافية عام 1973، لما استطعتم القول إن مؤيدي "إسرائيل" لا يسيطرون على الكونغرس".
وفي العام التالي دفع فولبرايت ثمن تصريحاته ومواقفه في الدورة الإنتخابية لعام 1974 ، وتضافرت جهود كل اللوبيات المؤيدة لـ"إسرائيل" بكل ما يملكون من إمكانيات مالية وسياسية لهزيمة فولبرايت في مجلس الشيوخ، بعدما خدم في الكونغرس لمدة 23 عاماً.
وقد نجح فولبرايت صاحب مقولة أن "مشكلة أميركا تتمثل في غرور – غطرسة القوة" في تحويل تجربته إلى كتاب بالعنوان نفسه "غطرسة القوة"، ويعتبر من أهم المراجع الأميركية التي تنتقد السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
ويلمح فولبرايت في كتابه بأن ما حازته أميركا من إمكانات، بوصفها أحدث دولة كبيرة على خارطة العالم، بحيث لا يزيد عمرها على قرنين من عمر الزمان أو ما يزيد قليلاً – مع ثروات طبيعية ومالية، وبالتالي من نفوذ سياسي وقدرات علمية وتكنولوجية، قد ولّد الشعور بالغطرسة إلى حد يكاد يصل إلى الاستعلاء، لدى المقارنة مع كثير من الدول الأفقر .
ويشير فولبرايت إلى الدور الأميركي في "وأد الديمقراطية فى البلدان الأخرى. فهي تطيح بأي نظام يصل إلى الحكم من خلال الانتخابات الحرة، طالما أتت بحكام ليسوا من الموالين. بل إن البلاد التي أصبحت تحت وصاية الأميركيين لم تتحول إلى الديمقراطية. ولدينا ما حدث مع سلفادور الليندي في تشيلي، عندما أطاحت به مجموعة من الضباط عملاء المخابرات المركزية، على الرغم من انتخابه بأغلبيه ساحقة من قبل الشعب التشيلي.. فضلاً عن مساندتها (الولايات المتحدة) لنظم ديكتاتورية في العالم، كنظام سوهارتو فى إندونسيا وبربيز مشرف في باكستان والأمثلة كثيرة".