حضور إحترافي لـ 36 راقصة وراقصاً أدّوا "طقوس الربيع"
هو تقليد تعتمده إدارة الجامعة اللبنانية الأميركية lau ويقضي بإنتاج عدة مسرحيات نخبوية وفي الوقت عينه جماهيرية، بشكل جذب الرواد إلى إحدى خشبتي الجامعة (غولبنكيان، وإيروين هول) أكثر من مرة على مدار السنة، وأحدث الغيث العمل الموسيقي الراقص "the rite of spring" (طقوس الربيع) لـ "إيغور سترافنسكي، أخرجته في فصل واحد "صبا علي" التي تقاسمت مع "كايان هويانغ" مواكبة العرض عزفاً مشتركاً على البيانو.
36 راقصة وراقصاً من طلبة الجامعة أسهموا بتنفيذ لوحات بشرية لا تختلف في شيء عن أداء المحترفين في الفرق العالمية الضخمة، إلى حد إختلط علينا في أكثر من لوحة هل نحن في "برودواي"- نيويورك أم في "إيروين هول"- بيروت، وهذا يعني أن التدريبات الشاقة التي خضع لها المشاركون حوّلتهم إلى أدوات فنية طيّعة جانبت الإبهار في كثير من المواضع التعبيرية التي تستوجب أداء عميقاً وشفافاً، وراح المشاركون يرسمون بأجسادهم لوحات صغيرة منسوجة من التجمع العام والكبير،فكانت النتيجة واحدة وهي التماهي في توصيل الرواية الرئيسية للمسرحية التي تفيد بتضحية الواحدة من أجل الكل، والسقوط في دائرة الموت الحتمي بعدما إستنفدت كل مجالات النجاة من أيدي الغدر والخيانة، على يد أفراد من القبيلة.
موسيقى هي مزيج من الحديث والقديم من دون أن يلحظ المتابعون تداخلهما وإندماجهما في بوتقة متماهية معبرة، تلتقي بأسلوب شفاف مع لوحات جماعية راقصة يتحرك فيها 36 صبية وشاباً والغاية بلوغ لحظة وفاة الضحية العذراء عند أقدام الآلهة في الطقوس الوثنية حيث يتفاعل الرقص إلى درجة إنعدام الشعور والسقوط في بحر الضياع الأبدي خدمة للمعتقدات والقناعات، وجاءت الترجمة المشهدية لهذه الأجواء في غاية الوضوح كصورة من صور العطاء الروحي طمعاً بالحياة من خلال المعتقد الراسخ بضرورة موت روح لكي تحيا أخرى، وهذا يسري على المجتمع بأسره الذي يسجن نفسة في قوقعة هذه الأجواء.
ويُحسب هنا الفضل لـ "كريستيل فرح" و"سارة فاضل" لأنهما رسمتا الخطوات الراقصة وتولتا ضبط إيقاعها طوال العرض الذي عرف إقبالاً جماهيرياً واسعاً ومكثفاً، مع تصفيق حاد كلما برع الراقصون في الأداء، وحضرت التقنيات المشهدية مع تخطيط وإدارة لـ "جورج شديد" و"فؤاد عنقا"، ونظام إضاءة موظف بطريقة جيدة لـ "سارة فاضل"، وعرفت كل من "هديل قطيش" و"نهى مياري" كيف تضبط كل حركة فوق الخشبة.