البشر والحيوانات المفترسة تعايشوا معاً قبل 20 ألف سنة في أوروبا

نمط سينمائي متميز تعهّدته شركة كولومبيا عبر فيلم بعنوان "alpha" للمخرج "آلبرت هوغز" (أميركي 46 عاماً)عن قصة له، يعود بنا إلى ما يُعرف بالعصر الحجري، إلى 20 ألف سنة خلت، وكيف كانت الحال في أوروبا من خلال إحدى القبائل التي تخسر إبن زعيمها خلال موسم الصيد، لكن الأقدار تنقذه وتعيده حياً مع حيوان من نوع "إبن آوى" تعارفا يوم كانا جريحين وأجبرتهما الظروف على البقاء معاً في ظل تهديدات كثيرة واجهاها معاً وكان الوفاء عنواناً رئيسياً لعلاقتهما.

جميل هذا الشريط (96 دقيقة) في إيقاعه وقلة حواراته، وقوة التصوير (مارتن غشلاخت) لمواقع أخاذة (مرتفعات كاليفورنيا) مع إضاءة مدهشة ليلية ونهارية، وإنسياب مؤثر للمشاهد ترافقها موسيقى (جوزيف.أ.دوباسي، ومايكل ستارن) بالغة التأثير جعلت من الأجواء قديمة جداً بإمتياز، بحيث يعيش المتابع حالة من ماضي الأيام السحيقة، عن مواجهات بين البشر والحيوانات المفترسة، عندما يكون الإنسان جائعاً، وتتبدل الحال في أوقات المنطق حين الأجواء ملائمة للوفاق والعيش المشترك، الشريط الذي بدأ عرضه في الصالات الأميركية يوم 17 آب/أغسطس المنصرم، حظي بكتابات نقدية إيجابية جداً، أشادت بالطابع الإنساني الذي ميّز مناخ القصة وتفاصيلها في العلاقة بين الزوجين ومع الأبناء وصولاً إلى حرقة الفراق معهم وفرحة اللقاء بهم بعد طول غياب.
خيار أماكن التصوير مثالي، التعاطي مع الشخصيات كان دقيقاً خصوصاً الشاب "كيدا" (الأوسترالي كودي سميت-موفيه) الذي يتمحور الفيلم حوله، وجه من دون تعابير لا يقول شيئاً تماماً مثل ناس تلك الحقبة من الزمن، طري العود رغم كونه إبن زعيم القبيلة "تو" (الإيرلندي جوهانس هوكور جوهانسون) وزوجته"رو" (النروجية ناتاسيا مالتي) يخرج "كيدا" مع والده في رحلة صيد تخشينية لنجله ومعه إبن آخر أصغر منه وأفراد من القبيلة للمساعدة، أول الغيث كان ميلودرامياً فمع أول تخييم يُهاجم حيوان ضار المكان ويختطف الإبن الأصغر، وفيما الأجواء صاخبة مع صيد أكبر عدد من الثيران البرية عن طريق إستدراجها إلى مهوار سحيق فتسقط نافقة بالعشرات، ومع قلة خبرة "كيدا" حمله ثور بقرنيه وسقط به من علو شاهق ليعلق في صخرة عند منتصف سفح المكان جريحاً ومغمياً عليه، فإعتقد الجمبع أنه قضى نحبه.
الصدفة والقدر خدما الشاب عندما هطلت أمطار فألقى بنفسه من الإرتفاع الشاهق لتتلقفه المياه جريحاً وينجو، ويقترب منه حين أخذه قسطاً من الراحة "إبن آوى"جريحاً هو الآخروسرعان ما تسري بينهما مشاعر عملت الكاميرا على إبرازها لتتطور إلى ملازمة دائمة. لاحقاً سمح "كيدا" لرفيقه بالذهاب مع قطيعه مرة، فعاد الحيوان الأنثى حاملاً بـ 6 جراء أنجبتهم في مقر القبيلة التي نجح الشاب في بلوغه بعد غياب طويل، وعاش الجميع مع الضيوف الجدد حياة طبيعية.