إبتسامة الوداع من "سمير سيف"
كررها أكثر من مرة المخرج الراحل "عاطف الطيب" : أنا وسمير سيف من عائلة واحدة. كان سمير يُنادى عليه بـ "سمير الطيب" لأن الإبتسامة لم تغادر محياه ولا مرة، هذا الخلوق، المتواضع، النخبوي والشعبي في آن، لفظ آخر أنفاسه وهو يبتسم وفق ما أكدته السيدة زوجته، كانت إبتسامة الوداع لكل من عرفه وأحب مزاياه ودماثته ولُطف حديثه ومعشره، فيما مهاراته كمخرج تُحسب له في باب الإبداع وكل محطة في مسيرته شاهد على ذلك.
-
"سمير سيف" -
عادل وسعاد حسني بكاميرا "سيف" -
"نور" و "سعاد" -
"أحمد زكي" في "معالي الوزير" -
"محمود عبد العزيز" على ملصق "سوق المتعة"
الدكتور "سمير" عرف دائماً أن الثقافة مفتاح المعرفة وأول شروط الإبداع، لذا تابع دراسته الأكاديمية، ونال درجة الدكتوراه، وكان سعيداً أن إلتزم بساعات تدريس جامعي، وعندما إلتقيناه قبل دورتين من "أيام قرطاج السينمائية" في تونس حين عرض آخر أفلامه "أوغسطينوس بن دموعها" أبلغنا أن سعادته غامرة لأنه يلتقي بشباب في معهد السينما يحبون السينما يتناقشون معه ويكتشف أنهم شاهدوا الكثير من أفلامه وأحبوها، ويعتبر هذا مكسباً ثميناً له، وعندما سألناه لماذا هو مقل في مشاريعه رد من دون تردد " بلاقي نصوص لكن ماعنديش لا أحمد زكي ولا نور الشريف، للأسف عايز حد يوصّل اللي أنا عايزو ومش لاقي".
وهذه من الحالات النادرة التي سمعناه فيها يشتكي من الواقع السينمائي وكان لافتاً أنه إشتكى من قلة الممثلين وليس من ندرة النصوص.من حقه أن يقول هذا مع وجود علامات سينمائية فارقة حملت توقيعه، فـ "نور" ظهر في أول أفلامه "دائرة الإنتقام" وكانت معه "ميرفت أمين"، ثم كرّت السُبحة بينهما لنشاهد (آخر الرجال المحترمين، غريب في بيتي، عيش الغراب) ورغم طول عمر العلاقة مع "أحمد زكي" إلاّ أنهما لم يلتقيا سوى في "معالي الوزير"، مثل واقع العلاقة مع "محمود عبد العزيز"، حيث تعاونا في "سوق المتعة"، لنجد أن المحطات الكثيرة كانت مع "عادل إمام" ولهما معاَ (المشبوه، النمر والأنثى، إحترس من الخط، الغول، شمس الزناتي) هذا إضافة إلى محطات عديدة أخرى (المولد، الشيطانة التي أحبتني، وغيرهما) فيما عرفت له أعمال بارزة ونوعية للشاشة الصغيرة (أوان الورد، ألوم النار، السندريلا، الصباح، بالشمع الأحمر، البشاير، وإبن موت).
وحين السؤال عن سر هذه الخصوصية في تعبيره الفني نقول إن له عدة تجارب خلف الكاميرا كمساعد مخرج في بداياته بعد تخرجه من المعهد العالي للسينما عام 1969 (مع: شادي عبد السلام،يوسف ساهين، حسن الإمام، وحلمي حليم) مما أكسبه تنويعة في ثقافة السينما وحرفتها رافقته طوال مسيرته التي تميزت بدأبه وإخلاصه وحبه الكبيروالمتبادل بينه وبين كل من عمل معه، حتى حانت منيته ليل الإثنين في 9 كانون الأول/ ديسمبر الجاري في المستشفى الذي نقل إليه بعد شعوره بخلل في ضربات القلب.