نساء داعش واليوم العالمي للمرأة

تأتينا اليوم السيّدة "شاميما بيجوم" البريطانية المولد، البنغلاديشية الأصل لتطالب العودة إلى بلادها "بريطانيا" وليس بنغلادش. نعم تريد العودة مرة أخرى إلى "بلاد الكفر" بحسب وصفها وهي غير نادمة على ما فعلته وتؤيّد قطع الرؤوس لإن "الإسلام يأمر بذلك".

ودعت وسائل دعاية "داعش" النساء إلى "الاستعداد لحماية دينهن عبر التضحية بأنفسهن من أجل الله"

مراسل التايمز (The Times) بحث وبحث ولم يجد أحداً مشرّداً، جائعاً ومريضاً إلا السيّدة "شاميما بيجوم" بين حشد المشرّدين الذين جمعهم مخيم بالإرهابية "شاميما" ويبلغ عددهم 39 ألف شخص. عمداً انتظرت إلى هذه اللحظة لأكتب مقالتي عن "الداعشيات" اللاتي يطالبن بالعودة وذلك لأن وسائل الإعلام البريطانية مرة أخرى تركت جميع مآسينا ولحقت إرهابية تعاطفوا معها إلى حد بعيد (هذه المرأة انتمت إلى كتيبة تسمّى كتيبة أمّ عمارة بقيادة البريطانية "أقصى محمّد" وكانت مهمة هذه الكتيبة هي إقناع المقاتلين والمقاتلات الأجانب بالهجرة إلى الرقة والانضمام إلى داعش). تعالوا لنقرأ معاً هذه المقالة التي كتبت من قِبل مَن عانوا من هذا التنظيم لأن أهل الرقة أدرى بشعابها.

الكاتب فقد أخته نتيجة انفجار الغاز البدائي بوجهها أثناء محاولتها إعداد الطعام لأولادها  أوائل عام 2014م، لأن داعش كانت مسيطرة على الرقة وكانت تبيع مشتقّات النفط بأسعار مرتفعة للغاية لا تقوى الطبقة الفقيرة على تحمّلها مما اضطرنا إلى استخدام الوسائل البدائية للغاية. الكاتب فقد والدته كذلك نتيجة نوبة مرضية "تعتبر عادية" إذا كانت الظروف طبيعية أو توافر كادر طبي عادي. فقدت والدتي عام 2016 ولم يسمح داعش لعائلتي بنقل والدتي إلى دمشق لتلقّي العلاج هناك وإثر ذلك التحقت بالرفيق الأعلى. والذي يزيد من قهري هو أنني لم أستطع العودة إلى الرقة والمشاركة في جنازة والدتي لأننا كنا ضمن قائمة داعش السوداء والتي حكم علينا بالموت نتيجة الاعتراض على حرق الكنيسة (مقابل حديقة الرشيد بالرقة) ، والاعتراض على تواجد داعش في المدينة. وقصة الكاتب هذه هي أهون القصص التي تعرّض لها أهل الرقة من ظلم وعدوان من قِبَل داعش.

تأتينا اليوم السيّدة "شاميما بيجوم" البريطانية المولد، البنغلاديشية الأصل لتطالب العودة إلى بلادها "بريطانيا" وليس بنغلادش. نعم تريد العودة مرة أخرى إلى "بلاد الكفر" بحسب وصفها وهي غير نادمة على ما فعلته وتؤيّد قطع الرؤوس لإن "الإسلام يأمر بذلك". قبل المطالبة بعودتك إلى هناك من الأهمية بمكان أن يحقّق المسؤولون في مخيم السوريين بالمخالفات والجنايات التي ارتكبتها السيّدة المذكورة وعدم وضعها بنفس المكان الذي يتواجد فيه اللاجئون المساكين.

لماذا العودة إلى "بلاد الكفر" ألم تكن دولتكم المزعومة هي بلاد الإسلام لماذا لا تطيقين العيش بالرقة ما الذي حدث. هؤلاء لم يجلبوا لنا إلا الدمار وقتل الأطفال وقطع الرؤوس. الرقة اليوم مدمّرة بنسبة 60 بالمائة قد دمّرها التحالف الدولي في حملته ضد داعش ولا يقبل أحداً إعادة إعمارها والجثث المتعفّنة تنشر الأمراض بين السكان المحليين. تعطلت المشافي والمدارس وقتل على إثر تلك الحملة أكثر من 3500 مدني إثر الغارات الجوية التي نفّذها التحالف ضد الرقة. أطفال الرقة لم يذهبوا إلى المدارس منذ عام 2013م وإن كانت الإدارة المحلية اليوم قد فتحت أبواب المدارس فهذه المدارس تفتقر إلى أية مقومات حقيقية للتدريس بها. داعش لم تترك لنا لا تاريخ ولا جغرافيا فتاريخنا قسم دمّروه بهمجيّتهم وحرقوه (دمّروا مثلاً تمثالين لأسدين في حديقة الرشيد يعود قدمهما إلى ألفين عام قبل الميلاد) وما خفّ وزنه وغلا ثمنه هربّوه إلى دول أخرى. نساء داعش اللاتي يتباكين اليوم هن أنفسهن اللاتي عشن في بيوت مصادرة لأهالي مدينة الرقة "العاصمة السابقة لداعش" ، هذه البيوت التي تمّت مصادرتها لأن مالكي هذه البيوت إما لديهم عسكري أو تمّ اتهامهم زورا بالتعاون مع التحالف أو أنهم فرّوا من الرقة باتجاه مناطق سيطرة الحكومة السورية أو دول الجوار . حيث كان التنظيم يرغم السكان هناك على توقيع وثيقة مفادها، إنّ عدم العودة خلال شهر سيؤدّي إلى مصادرة البيوت والأراضي. السيّدة "شاميما" كانت تعيش في ظل "الدولة الإسلامية" في أحد هذه البيوت. نساء داعش كن يحملن الأسلحة والسياط ويتجولن في شوارع الرقة لضرب الفتيات هناك. هنّ مَن يعلمّن ويربين أولادهن على الجهاد وقطع الرؤوس واليوم لسن نادمات على ما فعلن.

وقفن ذات يوم ومعهن المدعوة "هدى مثنى" (التي تطالب اليوم بالعودة إلى الولايات المتحدة) رمين جوازات سفرهن هناك "ومن السهولة تمييز الجواز الأميركي بين هذه الجوازات" أضرمن النار في جوازاتهن (التي نحلم نحن المتعلّمون أن نملك واحداً من هذه الجوازات). وردّدن شعار "الدولة الإسلامية باقية وتتمدّد". ها هنّ اليوم يطالبن بالعودة إلى "بلاد الكفر" (المصطلح الذي طالما استخدمنه). "هدى مثنى" يمنية الأصل، وعندما تطالب العودة تطالب العودة إلى الولايات المتحدة وليس إلى اليمن.

نعم صدق المثل السوري "الذي يُضرب بالعصا على أقدامه ليس مثل الذي يعدّها" حوّلوا بلادنا إلى جحيم لا كهرباء ولا ماء ولا غذاء. مشرّدون هنا وهناك. عدد قليل جداً من دول العالم مَن يعطينا الحق بالدخول إلى بلادهم يتفحصوننا كأننا إرهابيون في مطاراتهم ويطلبون منا مغادرة بلادهم كوننا (سوريين فقط).

أما ما هي المهام التي كانت موكلة للنساء في تنظيم داعش؟

أهم الأدوار التي قامت بها المرأة منذ عهد الزرقاوي إلى سقوط الموصل والرقة:

من الواضح أنّ الزرقاوي (المؤسّس الفعلي لتنظيم الدولة الإسلامية، داعش) كان أول من بدأ يفكّر بإدخال النساء في العمليات القتالية وخصوصاً الانتحارية منتصف 2005. فقد أصبحت خطاباته الموجّهة للرجال تتدرج من استخدام الانتهاكات بحق نساء السنّة من أجل تجنيد الرجال إلى مخاطبة النساء بصورة مباشرة[1]، ففي كلمته الموجّهة للمرأة لأول مرة حمّل الزرقاوي النساء مسؤولية مباشرة وطالبهنّ القيام بأدوار لوجستية متعدّدة، ومهّد لبداية إشراك المرأة في الأعمال القتالية والانتحارية، حيث وجّه خطابه إلى المرأة بقوله: "هذه رسالة إلى الحرائر من نساء الرافدين خاصة وإلى نساء الأمّة عامة "أين أنتن من هذا الجهاد المبارك؟ وماذا قدمتن لهذه الأمّة؟ ألا تتقن الله في أنفسكن؟ أتُربن أولادكن ليذبحوا على موائد الطواغيت؟ أرضيتن بالخنوع والقعود عن هذا الجهاد؟"[2].

دشّن هذا الخطاب التأسيسي مرحلة جديدة من "إدخال النساء" في هياكل الجهادية العالمية. فقد مثّل موقف الزرقاوي تحوّلاً في أدوار المرأة الجهادية- كما يلاحظ فائق الجنابي-حيث أسّس لنموذج "المرأة الاستشهادية" في مقابل "الرجل المتخاذل" عن الالتحاق بساحات القتال في العراق، بعد أن تجنّب منظّرو تنظيم القاعدة هذه القضية "الشائكة" دينياً واجتماعياً لسنوات[3]. وبذلك بدأت مرحلة جديدة وأدوار أكثر فاعلية للمرأة في تنظيم داعش وكان لها أدوار بارزة للغاية أبرزها:

  1. العمليات الإنتحارية (الإستشهادية): لقد كان الزرقاوي من أوائل القادة الذين دعوا إلى العمليات الإنتحارية والتي دُعي إلى توسعتها على كافة الأصعدة وكافة الأجناس فلا فرق لديه بين المرأة والرجل أبداً بل على العكس كان يروّج للعمليات الانتحارية التي تنفّذها النساء لإنه من الصعب كشفها. وبالفعل فقد كانت أول عمليتين انتحاريتين قامتا بهما كل من موريل ديغوك وساجدة الريشاوي. قامتا بتنفيذ عملية انتحارية في نفس اليوم بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمر 2005 من مكانين مختلفين وفي مكانين متباعدين ومن جنسيات متعدّدة ومن أصول متباينة. وقد نجحت إحدى العمليّتن وفشلت الأخرى.

موريل ديجوك، Muriel Degauque، انتحارية بلجيكية (1967 – 2005) تحوّلت من الكاثوليكية للإسلام في الثلاثينيات من عمرها. ارتدت النقاب بعد زواجها من عصام غوريس، والده بلجيكي وأمّه مغربية، معروف للشرطة البلجيكية بلحيته الطويلة بصفته أصولياً إسلامياً متشدداً. عبرت ديغوك وزوجها الحدود العراقية السورية، ونفذت عملية انتحارية استهدفت القوات الأميركية في 9 تشرين الأول/ نوفمبر 2005، أسفرت عن مصرعها وإصابة جندي أميركي.

ساجدة الريشاوي، انتحارية عراقية شاركت بتنفيذ التفجيرات الثلاثة التي استهدفت ثلاثة فنادق كبرى في عمان، وأسفرت عن مقتل 60 شخصاً.

نجت الريشاوي من الموت بعد فشلها بتفجير حزامها الناسف داخل أحد الفنادق المستهدفة، وقتل زوجها الذي فجّر حزاماً ناسفاً كان يرتديه في العملية. تلقّت الريشاوي حكماً بالإعدام في شباط/ فبراير 2007، ونفّذ الإعدام فجر الأربعاء 4 شباط 2015 كرد فعل لقيام تنظيم داعش بقتل الطيّار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً بالنار. ومنذ ذلك الوقت بدأت مرحلة الاستشهاديات والتي لم تنته أبداً.

  1. الجهاد الفردي (الذئاب المنفردة): لم يقتصر دور المرأة في داعش على الانضمام إلى الكتيبتين النسائيتين (أمّ الريان والخنساء) واللاتي تمّ تشكيلهما في الرقة بل تعداه إلى أكثر من ذلك ، تعداه إلى دعوة المرأة أن تشارك بالجهاد الفردي. فإن هي لم تستطع الانضمام إلى صفوفه في مناطق نفوذه فهي مكلفة كواجب شرعي مثلها مثل الرجال بمهاجمة الأعداء في بلدها الذي تعيش فيه ولقد شكّلت نسبة مشاركة النساء في عمليات الجهاد الفردي ما يقارب 29 بالمائة من مجموع الهجمات (بحسب دراسة أصدرِت لي بعنوان: خرافة ذئاب داعش المنفردة) وكانت هؤلاء النساء ضمن حلقات وخلايا أوسع.

ويُذكر أنه في آذار 2016 قامت فتاة مغربية في ال 15 من العمر بطعن شرطي وإصابته بجروح بالغة في محطة (هانوفر) للقطارات في ألمانيا أثناء عملية روتينية للتثبّت من الهوية.

وفي 30 تشرين الأول 2016 قالت شرطة مدينة (ايسن) في ولاية (الراين ويستفاليا) غرب ألمانيا أن امرأة يُعتقد أنها متعاطفة مع تنظيم داعش هاجمت إثنين من الشرطة بسكين وكانت تصيح "الله أكبر" أثناء الهجوم وهي تبلغ من العمر 53 عاماً. كما عثرت الشرطة في منزل المرأة على رايات تشير إلى أن المرأة من مناصري داعش.

وفي أوائل أيلول من نفس العام فككت الشرطة الفرنسية خلية إرهابية مؤلّفة من 3 نساء كنّ على تواصل مع داعش في سوريا خطّطن لتفجير سيارة مليئة بقوارير الغاز قرب كاتدرائية نوتردام في باريس، وكانت واحدة من هؤلاء النسوة على الأقل على اتصال مع رجل فرنسي كان يعيش في مناطق نفوذ داعش، تلقّت النسوة التعليمات منه. وعلى ما يبدو من تفاصيل العملية أن مثل هذه التوصيات وردت في مجلة انسباير العدد 12 لعام 2014.

  1. جهاد النكاح: كان لأعضاء داعش نهمٌ جنسي شديد حسب الروايات والمشاهدات التي شاهدناها في الرقة لكنهم كانوا يفرغون هذا النهم إما بالتقدّم بالزواج من بنات المدينة وفي الأعم الأغلب يتمّ الرفض وإما يتزوّجون من المهاجرات اللائي هاجرن إلى هناك ، وتلك النسوة كانت إذا مات زوجها زوُجت إلى رجل آخر (هدى مثنى على سبيل المثال تزوّجت ثلاث مرات خلال تواجدها مع التنظيم) ، وأما الطريقة الثالثة فكانت عن طريق السبايا اللاتي عُوملن بوحشية وقسوة منقطعة النظير.
  2. أدوار تقليدية للمرأة: أصدر "داعش" بياناً يستعرض فيه بالتفصيل دور النساء في التنظيم الجهادي. البيان المؤلّف من 10000 كلمة الذي حمّله الجناح الإعلامي لـ "كتائب الخنساء" الذي يتألف فقط من النساء عبر المنتديات الجهادية الرائجة، ترجمه وحلّله شارلي وينتر، الباحث حول الجهادية في سوريا والعراق في مركز الدراسات حول مكافحة الإرهاب Quilliam Foundation، وقام بترجمته إلى اللغة الإنكليزية.

لقد سبق أن نشر مجنّدون غربيون صوَراً يظهرون فيها مع مسدّسات وحزام ناسف، وتبدو في الصوَر امرأة من جنوب لندن تعيش في سوريا، وتتباهى حتى بأنها تريد أن تكون أول امرأة تقطع رأس رهينة غربية.

  1. الزواج: أكثر ما يثير القلق هو ما يذكره البيان عن السن الشرعي لزواج الفتيات من مقاتلي "داعش". فقد جاء فيه: "السن الشرعي لزواج الفتاة هو تسع سنوات. الفتيات الأكثر طهارة يتزوّجن بسن السادسة عشرة أو السابعة عشرة، فيما لا يزلن يحافظن على شبابهن ونشاطهن".

وتوضح الوثيقة أنه بعد الزواج، "دور المرأة هو أن تبقى محجوبة عن الأنظار ومحجّبة، وأن تحافظ على المجتمع من وراء حجابها".

ويزعم البيان أن تشوُّش الخطوط الفاصلة بين أدوار الرجال والنساء يعود في شكل أساسي إلى خصي الرجال، في إشارة إلى أن مقاتلي "داعش" هم "رجال حقيقيون".

وبحسب البيان، تُحظَر عمليات التجميل حظراً مطلقاً، وكذلك الثقوب في الجسم أو "تدلّي أشياء من الأذنَين"، ويُمنَع حلق الشعر في بعض الأماكن. أما متاجر الأزياء وصالونات التجميل فهي من عمل إبليس[4]. وكما كان لكتيبة الخنساء دور آخر حيث طالبت من الراغبات بالزواج من مقاتلي التنظيم بوضع حجاب أبيض تحت النقاب للتعرّف عليهن في المناطق التي كان يسيطر عليها داعش ، الأمر الذي دفع كثيراً من البنات لارتداء خواتم الخطبة أو الزواج من مدنيين ليتجنّبوا كتيبة الخنساء٬ كما عرضت كتيبة الخنساء مبالغ مادية على أهالي بعض الفتيات في حال تزويج بناتهم لعناصر من التنظيم.

واستطاع مشروع صوت وصورة بالتعاون مع الرقة تذبح بصمت، توثيق 278 حالة زواج إجباري من مقاتلين أجانب، لنساء أغلبهن دون سن الثامنة عشر، بعد دفع مهر مرتفع لذوي الفتاة، يصل إلى أربعة آلاف دولار، في الوقت الذي يكون فيه المهر الطبيعي ما يقارب 900 دولار[5].

  1. الشرطة النسائية (كتائب داعش النسائية): شكّل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) كتيبة الخنساء في شهر شباط/فبراير من عام 2014 في مدينة الرقة (بحسب موقع الرقة تذبح بصمت) بعد حدوث عدّة عمليات اغتيال نفّذها عناصر من الجيش الحر لقيادات في التنظيم، بارتدائهم للزيّ النسائي الذي فرضه التنظيم والمكوّن من النقاب وما يسمّى “الدرع” وهو قطعة قماش سوداء ثخينة تمتد من أعلى الرأس إلى منتصف القدم، واستغل مَن يسمّون مقاتلو الجيش الحر هذا الزيّ لتهريب السلاح إلى داخل المدينة، وذلك لمنع التنظيم عناصره من التعامل والتحدّث مع النساء. وتلعب الخنساء دوراً رئيسياً بمراقبة واعتقال النساء اللواتي يخالفن أوامر التنظيم ومعاقبتهن، وترتدي عناصر الخنساء الرداء الشرعي الذي فرضه التنظيم ويتم تميّزهن بحملهن للسلاح والكلبشات والقبضات اللاسلكية، وأغلبهن مهاجرات متزوّجات من مقاتلي التنظيم غير السوريين، لا يتحدثن العربية، إلا أن بعد انضمام بعض النساء السوريات للخنساء، أتاح وضع فتاتين على الأقل في كل مجموعة يتحدثن العربية، حيث تستطيع أية امرأة الانضمام لكتيبة الخنساء بعد خضوعها لمعسكر تدريبي، يشمل دروساً دينية وتدريبات لياقة بدنية ومهارات قتالية والتمرّن على استخدام السلاح، ويتفاوت عددهن بين 800 إلى 1000 مقاتلة، وذلك لصعوبة الحصول على إحصائية دقيقة بسبب تزايد أعداد المنتسبات بشكل أسبوعي في ذلك الوقت.

حملت كتيبة الخنساء سمعة سيّئة بين صفوف المدنيين. وتشكّل كابوساً للنساء في مدينة الرقة، نتيجة الممارسات التي يقمن بها لاستفزاز أشخاص لأسباب شخصية، وأغلب النساء المنضمات حديثاً هن ذوات سمعة سيّئة[6]. ومنهن "المهاجرات" الوافدات من الدول الغربية واللائي مارسن أبشع أنواع التعذيب ضد النسوة المحليات من الجَلد بالسياط إلى الاعتقال إلى التعذيب.

على غرار كتيبة الخنساء في سوريا أنشئت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة لتنظيم داعش بالعراق كتيبة سميت بكتيبة العضاضات ، وهي بمثابة الشرطة النسائية لتنظيم داعش والكتيبة تعمل على رصد المخالفات التي تقوم بها النساء ويقمن بعضّهن بوحشية وقد شوهدت هذه الدوريات تسير في شوارع قضاء الحويجة في العراق، وأن هذا الإجراء العقابي الذي دأبت نسوة داعش على تطبيقه في أكثر من منطقة يسيطر عليها التنظيم المتطرف، أثار الهلع والخوف بين نساء الحويجة.

  1. التجنيد: شكّل داعش مجموعات من النساء لتجنيد النساء من مختلف أنحاء العالم وبناء عليه تمّ تشكيل مجموعة "أمّ عمارة" بقيادة البريطانية "أقصى محمّد" وجميع أفرادها من المقاتلات الأجنبيات اللواتي يستخدمهن التنظيم لاستجرار المقاتلين والفتيات من أوروبا إلى مدينة الرقة، عن طريق التواصل معهم واقناعهم بالقدوم والانخراط في صفوف التنظيم، حيث انضمت كل من "شميما بيجوم" (عروس داعش التي تحاول العودة اليوم إلى بريطانيا وتبكي دموع التماسيح) وخديجة سلطان (16عاماً) وفتاة ثالثة تبلغ 15 عاماً، اللاتي يحملن الجنسية البريطانية، بعد التواصل معهن عن طريق الأنترنت، ودخلن معسكراً تدريبياً ضمن مقر يتبع لكتيبة الخنساء.
  2. القتال المباشر: على خلفية خسائره في سوريا والعراق، ألزم تنظيم “داعش” الإرهابي النساء المؤيّدات له بالانضمام إلى القتال. ونقلت الإندبندنت البريطانية (The Independent)، عن وسائل إعلام تابعة للتنظيم قولها في وقت سابق على تحرير الرقة من التنظيم قولها: "في سياق الحرب على داعش، أصبح يتعيّن على النساء المسلمات تحقيق ما يتوجّب عليهن في جميع الجبهات عن طريق دعم المجاهدين في قتالهم".

ودعت وسائل دعاية “داعش” النساء إلى “الاستعداد لحماية دينهن عبر التضحية بأنفسهن من أجل الله”، وأشارت إلى سوابق في التاريخ الإسلامي قد تثبت هذا النداء، حسبما ذكرت الصحيفة.

بعد كل هذا السرد للأدوار التي قامت بها النساء في ظل تنظيم داعش والمقدّمة التي ذكرناها وبعد كل هذا الجدل الدائر اليوم في الأوساط الغربية والعربية ليس المهم أين تتواجد تلك النسوة وأين يرغبن بالتواجد بل المهم هو أن تقام محاكم لمحاكمة كل مَن انضم إلى هذا التنظيم الإجرامي ومحاسبتهم على كل أفعالهم. أخيراً نطرح سؤالنا المضحك المبكي: أيّ جحيم خلّفه لنا التنظيم بحيث لا تقبل حتى إرهابيّاته بالعيش فيه؟ 

[1] - محمّد أبو رمّان- حسن أبو هنية، تشكّلات الجهادية النسويّة من القاعدة إلى الدولة الإسلامية، مؤسّسة فريدريش ايبرت، الأردن، 2017.

[2] - أبو مصعب الزرقاوي، أينقص الدين وأنا حيّ؟، بتاريخ 7 تموز/ يوليو 2005، الأرشيف الجامع لكلمات وخطابات أبو مصعب الزرقاوي، شبكة البراق الإسلامية، ص 306 و308.

[3] - محمّد أبو رمّان- حسن أبو هنية، تشكّلات الجهادية النسويّة من القاعدة إلى الدولة الإسلامية، المصدر السابق.

[4] -. المصدر السابق نفسه.

[5] - الرقة تذبح بصمت، كتيبة الخنساء من الألف إلى الياء، 27/3/2015، انظر الرابط التالي:

 www.raqqa-sl.com/?p=1117

[6] - الرقة تذبح بصمت، المصدر السابق.