القضية الفلسطينية في مئويتها الثانية من سايكس بيكو الى "الربيع العربي"
أصدرت مجموعة من الكتاب العرب كتاباً جماعياً بإشراف فيصل جلول ورشاد أبو شاور تحت عنوان "القضية الفلسطينية في مئويتها الثانية من سايكس بيكو الى "الربيع العربي". وسيتم توقيعه في جناح دار الفارابي في التاسع من كانون الاول ـــــ ديسمبر الجاري في معرض الكتاب في البيال ـــــ بيروت بين السادسة والتاسعة مساء.
جاء في مقدمة الكتاب التي كتبها فيصل جلول ورشاد أبوشاور: "مائة عام مرّت على سايكس – بيكو وتصريح بلفور وزير خارجية بريطانيا للمتموّل اليهودي روتشيلد بمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين.
بالرعاية البريطانية، وبتسهيل الانتقال الصهيوني إلى فلسطين، وعلى امتداد قرابة الثلاثين عاماً تمكنت الصهيونية من بناء مؤسسات مستقلة لها بحيث أصبحت (دولة) داخل ( الدولة) البريطانية المُنتدبة على فلسطين.
مزّق سايكس – بيكو مشرق الوطن العربي، بعد أن تمت هزيمة تركيا العثمانية في الحرب العالمية الأولى، ووضع اليد على (ممتلكاتها)، وأعيد ترتيب الخريطة المشرقية بما يناسب مصالحه إسرائيل الاستعمارية، وما يفترض دوامها، وكانت عملية إنشاء الكيان الصهيوني في جوهرها جزءاً من خطة تمزيق الوطن العربي، وبخاصة (بلاد الشام)، أو سورية الكبرى، وفلسطين جنوب سورية، وجسر التواصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه.
وتكفي نظرة سريعة إلى خارطة الوطن العربي للاستدلال على أن فصل فلسطين عن الوطن العربي كان مدروساً ويقع في صلب مخطط الهيمنة على العرب.
نجحت بريطانيا وفرنسا وروسيا وـميركا في إنشاء كيان صهيوني، لكنها فشلت في إخضاع عرب فلسطين، فكانت المقاومة هي العنوان الأبرز على امتداد المائة عام التي أعقبت مؤامرة سايكس – بيكو، وتصريح بلفور البريطاني.
بالمقاومة بقيت فلسطين عربية، برغم كل ما مارسته بريطانيا من تآمر على عرب فلسطين، وما اتبعته الصهيونية من أساليب قهر وقمع وقتل واغتيالات واجتياحات، وما شنته من حروب، فضلاً عن جهودها المحمومة في عمليات تغيير ملامح المدن والبلدات والمقدسات وحقائق التاريخ والجغرافيا في فلسطين.. وكانت المقاومة ولا تزال هي العنوان الأبرز لصمود الفلسطينيين، ولمأزق الصهيونية على أرض فلسطين.
لم يكن عرب فلسطين وحدهم في الميدان، وليس أدل على ذلك من أن الشيخ السوري عز الدين القسام كان مفجّر ثورة فلسطين الكبرى باستشهاده بعد صعوده إلى أحراش يعبد مع عدد من رجاله والاشتباك مع قوات بريطانية محتلة، وسعيد العاص قائد الثورة الفلسطينية الكبرى(سورية الجنوبية)، واستشهاده في وادي فوكين قرب بلدة الخضر في معركة كبرى مع الجيش البريطاني بتاريخ 6 تشرين أول ــــ اكتوبر 1936، وكان نائبه في قيادة الثورة البطل الفلسطيني عبد القادر الحسيني.
منذ وجدت قضية فلسطين وهي قضية عربية أولى بامتياز، رغم أن جهات رسمية عربية تآمرت وتواطأت وتساوقت مع مخططات بريطانيا، وحتى مع قيادة الحركة الصهيونية.
تواصلنا، نحن فيصل جلول ورشاد أبوشاور، وطرحنا على نفسينا السؤال التالي: ماذا نقدم لفلسطين، من موقعنا كمثقفَين عربيَين، والمؤامرة تشتد عليها، والمهرولون للتطبيع يسفرون عن وجوههم بلا حياء، ويديرون ظهورهم لفلسطين وقضيتها وشعبها العربي الأصيل المقاوم، منطلقين من مصالحهم في الحكم، ومن تبعيتهم،هم الذين لم يكن لهم أي دور في يوم من الأيام في دعم فلسطين القضية والشعب.
اخترنا أن نعد كتاباً يسهم فيه عدد من المثقفين والباحثين والدارسين والمناضلين المعروفين من كل القطار العربية، لنرفع الصوت معاً، منحازين لفلسطين عربية بحدودها الجغرافية المعروفة، وبتاريخية حضورها في قلب الوطن العربي، وبعظمة المعارك التي خيضت على ثراها في مواجهة الفرنجة والمغول، وسيل الدماء الطاهرة التي سالت على ثراها ماضياً وحاضراً.
يجيب هذا الكتاب عن أسئلة وهواجس المئوية الثانية للقضية الفلسطينية بعد قراءة جدية لمسارات النضال الفلسطيني والعربي خلال القرن العشرين ومطالع الألفية الثالثة. ويناقش فرضيات بقاء وانهيار الدولة العبرية بالقياس الى التجارب الاستيطانية في العالم، وبخاصة في الولايات المتحدة الأميركية وكندا والجزائر وجنوب أفريقيا ومملكة القدس الصليبية. ويرى الكتاب أن فرص اندماج إسرائيل في المحيط العربي معدومة وأن مستقبلها سيكون أشبه بمستقبل الأقدام السود في الجزائر ما دام الصهاينة يراهنون على الوقت لكي يستسلم العرب والفلسطينيون.
يضم هذا الكتاب مشاركات من أقطار عربية عدّة، وكان أن لبى كل من طلبنا منه المشاركة وبحماسة منقطعة النظير، وهو ما أفرحنا، ففلسطين حاضرة بقوّة رغم الرياح والغيوم السوداء التي تتلبد في سمائها، وفوق رؤوس أهلها الصامدين الصابرين المقاومين بمآثرهم التي لا تتوقف.
الهدف من هذا الكتاب أن نقول لأهلنا عرب فلسطين: أنتم لستم وحدكم، فمعكم خيرة أبناء وبنات أمتنا بكلماتهم ومواقفهم وانحيازهم، وأن نقول لمن تآمروا على فلسطين، بريطانيا وفرنسا وأميركا: نحن نعرفكم، ولن ننسى جرائمكم في فلسطين، وفي كل بلاد العرب، فأنتم استعمرتم بلادنا، ومزقمتوها، ونهبتم ثرواتها، ونشرتم الفساد والخراب فيها بدعمكم لحكام تابعين لكم، خاضعين لأوامركم.. ومع ذلك تتحدثون عن الديمقراطية!
معارك وطننا العربية مهما تباعدت جغرافياً هي واحدة، سواء أكانت في سورية أو تونس أو الجزائر أو ليبيا أو اليمن أو مصر أو لبنان..أو أي قطر عربي.
المقاومة هي خيار شعوبنا العربية، وهي شعب واحد، وأمة واحدة، وجراح واحدة، وأعداؤها هم أنفسهم في كل بلد عربي، وفي كل المؤامرات، وانظروا إليهم وحدقوا جيداً في سمات وجوههم وما تفعله أيديهم.
فلسطين ستبقى مقياساً لمواقف الدول، فمن يقف معها فهو مع الحق، ومن يدعم مقاومة شعبها فهو مع حق الشعوب في الحرية والاستقلال والسيادة، ولذا ستبقى أميركا في موقع أكبر متآمر على فلسطين كونها منحازة انحيازاً تاماً للكيان الصهيوني، وهي تواصل ما اقترفته بريطانيا وفرنسا.. وتشترك معهما في كل الجرائم التي تستهدف فلسطين ماضياً وحاضراً، وتستهدف كل بلد عربي يسعى للحرية والاستقلال والسيادة.
فلسطين تحدد عروبة كل عربي بموقفه منها ومن مقاومة شعبها، فمن يبرم الاتفاقيات، ومن يطبّع، ومن يسر على نهج السادات وكامب ديفد وأوسلو ووادي عربة، ويواصل نهج التطبيع فهو متآمر على فلسطين وعروبتها، وعلى كل حقوق العرب وعلى رأسها حقهم في المقاومة والتحرر والنهوض.
هذا الكتاب دعوة للكتاب والمفكرين والمثقفين في كل بلاد العرب لرفع الصوت في وجه التآمر على فلسطين، أم قضايانا العربية، وستبقى هكذا حتى تتحرر بالكامل..ويغرب المشروع الصهيوني من قلب وطننا العربي الكبير".