رسائل السنوار من مُهاتفة سليماني
بات واضحاً بأن العلاقات بين حماس وإيران وقوى المقاومة تسير في اتجاهات مُتقدّمة، وهذا تعكسه الجديّة الإيرانية في العمل على رأب الصدع بين حماس وسوريا خلال المرحلة المقبلة بعد أن نجح في تخفيف الانسداد بينهما في زيارة أحد رموز حماس إلى دمشق، ما يعني بأن الفترة المقبلة تحمل بين طيّاتها ما هو ظاهر وما هو خفيّ في ردع إسرائيل.
حمل حديث القائد العام لحركة حماس في قطاع غزّة يحيى السنوار عن مُهاتفة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، والذي بثّ على قناة الميادين، العديد من الرسائل وعلى أكثر من صعيد، نتيجة التطوّرات الساخِنة بعد قرار الرئيس الأميركي ترامب اعتبار القدس عاصمة لدولة العدو الإسرائيلي، وما شهدته الساحات الفلسطينية والإقليمية والدولية من حِراك رافِض للقرار.
الاتصال بين سليماني وقادة المقاومة من كتائب القسّام وسرايا القدس يأتي في توقيت هام تحتاج فيه قضية فلسطين لكل المُساندين والداعمين الحقيقيين، في ظلّ ما تتعرّض له من انتهاكات من جنون حكومة اليمين الإسرائيلي، والتي تسعى بكل قوّة للانقضاض على ما تبقّى من الضفة الغربية، وانعدام خيارات التسوية المعدومة أصلاً منذ البداية، ما يُعطيه أهمية بالغة لما تقدّمه إيران من دعم للمقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها، وقد جاء عقب اتصال هاتفي بين الرئيس الإيراني روحاني ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
قيمة هذا الاتصال دفعت السنوار إلى الإفصاح عن مضامينه للجمهور الفلسطيني، باعثاً من خلال خطابه رسائل واضحة في أكثر من اتجاه؛ لعلّ أولها التأكيد على متانة العلاقات بين حركة حماس والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأن إيران وقوى المقاومة في المنطقة تشكّل عُمقاً استراتيجياً وغطاءً داعِماً وحامية ظهر للمقاومة في فلسطين، وأن العلاقات في مرحلة متقدّمة ولا تقف عند الحدود الرسمية السياسية فحسب ، بل تتعدّاها إلى الجوانب العملياتية والميدانية، لما يمثّله سليماني من تأثير بارز في صناعة القرار في إيران، والقدرة على توفير كافة الإمكانيات المُسانِدة واللازِمة لردع العدو الصهيوني.
أما الرسالة الثانية فتتضمّن أن بناء العلاقات بين حماس ودول وقوى المقاومة لا يقف أمام أية حساسيات طائفية أو مذهبية، بل إن علاقاتها مبنية على أسُس ثلاثة؛ الأول الموقف من قضية فلسطين، والثاني الموقف من المقاومة الفلسطينية بكافة أنواعها وأشكالها وأساليبها، والثالث الدعم الإنساني المُقدَّم للشعب الفلسطيني، وهذا يُعزّز ما كان يتحدّث به السنوار سابقاً بأن إيران هي الدولة الأولى الداعِمة للمقاومة الفلسطينية، وقد ساهمت بصورة كبيرة في بناء وتطوير المقاومة المسلّحة لكتائب القسّام قبل وبعد عدوان 2014 على غزّة.
حملت الرسالة الثالثة تهديداً واضحاً للعدو الإسرائيلي بأن المُراهنة على أن حماس من الممكن أن تتخلّى عن علاقاتها مع إيران غير واردة في الحسابات الفلسطينية، وأن المرحلة المقبلة ربما ستشهد رؤى موحّدة في الجبهات المُحيطة به، وأن محاصرتك باتت حقيقية تُترجمها قوى المقاومة في لبنان وهضبة الجولان وقطاع غزّة.
أما الرسالة الرابعة فكانت من نصيب المُهرولين نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، بأن مساركم خائب وأن مَن عوَّل على الإدارة الأميركية لربع قرن وطرح المبادرة لن ينجح في تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني، مغزى الرسالة كذلك التأكيد على أن العدو الأول للأمّة هو إسرائيل، ومحاولة خلق فزّاعات ونعرات طائفية وسياسية لحساب مشروع السلام الإقليمي لن يجدي، فالبوصلة واضحة والهدف هو دعم وإسناد المقاومة في حماية القدس.
ربما ثمة رسائل أخرى تحملها كلمات السنوار تُعزّز في نفس المسار، فخطابه يؤكِّد بأن العلاقات عادت أفضل مما كانت عليه بين إيران وحماس على المستويين السياسي والعسكري، بعد فترة فتور نتيجة تقديرات غير دقيقة للقيادة السابقة لحماس، وعلى الرغم من ذلك فإن الدعم الإيراني وقوى المقاومة لم يتوقّف خلالها، وشهدت تبادل العديد من الرسائل بين سليماني وقادة القسّام خلال عدوان 2014 على قطاع غزّة، وكذلك رسالة التعزية المُرسَلة من الأمين العام لحزب الله السيِّد حسن نصر الله في القادة الشهداء أبوشمالة والعطار وبرهوم.
وقد تواصلت الاتصالات إبان فترة الفتور، فالحديث عن الدعم الإيراني لم يتوقّف من قِبَل الناطق باسم القسّام، كذلك تبادل الرسائل تواصل وكان من بينها رسالة التعزية من القائد العام لكتائب القسّام محمّد الضيف بشهداء الحزب في القنيطرة في يناير من العام 2015.
بات واضحاً بأن العلاقات بين حماس وإيران وقوى المقاومة تسير في اتجاهات مُتقدّمة، وهذا تعكسه الجديّة الإيرانية في العمل على رأب الصدع بين حماس وسوريا خلال المرحلة المقبلة بعد أن نجح في تخفيف الانسداد بينهما في زيارة أحد رموز حماس إلى دمشق، ما يعني بأن الفترة المقبلة تحمل بين طيّاتها ما هو ظاهر وما هو خفيّ في ردع إسرائيل.