أطفال فلسطين.. الحق المسلوب على مدار السنين
لا يزال الطفل الفلسطيني يواجه ألة القمع المتواصلة بحقه من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي تتوانى فيه منظّمات حقوق الإنسان، بالوقوف على عملها الأساسي وهو حماية الطفل الفلسطيني من هذه الانتهاكات. فمنذ تأسيس منظمة حقوق الطفل "اليونيسف" في 11 ديسمبر عام 1946م، والاحتلال الإسرائيلي يستبدّ، ويقمع ويعتقل ويقتل؛ وتلك هي سياسته مع أطفال فلسطين الذين يطالبون بأبسط حقوقهم.
ومنذ انطلاق مسيرات العودة الفلسطينية، في قطاع غزّة على الحدود الشرقية المُحاذية للأراضي الفلسطينية المحتلة، والاحتلال الإسرائيلي لا زال يستخدم الأسلحة المُحرَّمة دولياً من رصاصٍ مُتفجِّر، ومروحي اتجاه المتظاهرين السلميين، من بينهم الأطفال، حيث بلغ عدد الأطفال الذين استشهدوا، على يد الاحتلال الإسرائيلي في مسيرات العودة أكثر من 35 طفلاً، حسب وزارة الصحة، بينما أصيب أكثر من 1433طفلاً ومن بين هذه الإصابات قد وصِفَت بالإعاقة الدائمة.
وكانت مسيرا ت العودة قد انطلقت بتاريخ 30 آذار/ مارس 2018، حيث دعت إليها الهيئة التنسيقية العُليا لمسيرات العودة على الحدود مع إسرائيل، في إطار حراك سلمي مُطالِب برفع الحصار عن قطاع غزّة، كما ووقع أكثر من 268 شهيدأ وأكثر من 17259 إصابة نتيجة استعمال القوّة المُفرطة اتجاه المُتظاهرين السلميين وإطلاق الرصاص الحيّ والمُتفجّر.
لحروب على قطاع غزّة
شنّت إسرائيل على قطاع غزّة منذ العام 2008 إلى العام 2019 ثلاث حروب، لاسيما التصعيد المُتفاوِت والذي سقط خلاله ما يُقارب العشرة أطفال من بينهم رضيعة تبلغ من العُمر سنة أثناء قصف بيتهم في شرق دير البلح، أما على صعيد الحروب فقد شهد قطاع غزّة الكثير من المجازر بحقّهم من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي، من بين هذه الحروب حرب 2008 والتي قُتِل خلالها 412 طفلاً وأصيب الآلاف بإصابات حركية ونفسية، أما عن حرب 2012 فقُتل خلالها ما يُقارب 30 طفلاً قاصراً ورضيعاً، وفي حرب 2014 والتي شكّلت الكارثة الكُبرى على قطاع غزّة فقد وصل عدد الشهداء الأطفال إلى 530 شهيداً و3303 جرحى الثلث منهم يعانون من إعاقات دائمة.
الطفل الفلسطيني في السجون الإسرائيلية
بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 2016 إلى العام 2019 حسب المركز الوطني الفلسطيني للمعلومات (وفا) 350 طفلاً قاصراً دون سن 18، ويشار إلى أن الأطفال الفلسطينيين يتعرّضون لظروفٍ قهريةٍ قاسية من تعذيبٍ وأحكامٍ عالية تصل ما بين 5_9 سنوات ومن الممكن أن تصل إلى المؤبَّد.
ومن أبرز الشهادات التي عرضتها (وفا) للأطفال الذين تعرَّضوا للتعذيب في سجون الاحتلال:
1.الضرب الشديد منذ لحظة الاعتقال بواسطة البنادق والأرجل والدّعس عليهم من قِبَل الجنود.
2.إطلاق الكلاب البوليسية المتوحّشة عليهم.
3.استخدام القاصرين دروعاً بشرية خلال عمليات الاعتقال.
4.التعذيب والشبح والإهانات والتهديد خلال عمليات الاستجواب.
5.ترك الأطفال الجرحى ينزفون فترات طويلة قبل نقلهم إلى العلاج.
6.نقل المُصابين إلى مراكز التحقيق رغم سوء أوضاعهم الصحية.
7.إجبار الأطفال على الإدلاء باعترافاتٍ تحت الضرب والتعذيب والتهديد باعتقال أفراد الأسرة.
8.عَزْل الأطفال في زنازين انفرادية وحِرمانهم من زيارة الأهل والمحامين.
9.ربط الأطفال المُصابين بأسرّة المستشفيات وتحت الحراسة والمعاملة السيّئة.
غير الحِرمان من أبسط حقوقهم التي شرعت لهم بها المواثيق الدولية ، مثل الحق في الحصول على محامٍ، حق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، الحق في المثول أمام قاضٍ، الحق في الاعتراض على التهمة والطعن بها، الحق في الاتصال بالعالم الخارجي، الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المُعتَقل.
الطفل الفلسطيني في منطقة C ومنطقة A
منذ توقيع اتفاقية أوسلو في عام 1994 والتي قسّمت الأراضي الفلسطينية إلى مناطق تحت مُسمّى منطقة C وA، حيث منطقة (سي) تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، أما عن منطقة (أ) فهي تقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، فمن خلال هذه الاتفاقية يعاني الأطفال الفلسطينيون في منطقة (C) من سوء المعاملة الإسرائيلية، حيث أنها لا تُجيز للسلطة الفلسطينية التدخّل في هذه الأراضي، لأنها تحت قبضة الاحتلال الإسرائيلي فتسمح للاحتلال أن يمارس كل جبروته اتجاه الفلسطينيين.
المواثيق الدولية اتجاه الطفل الفلسطيني
رغم القوانين الدولية التي أجازت للطفل الفلسطيني بممارسة كافة حقوقه ، إلا أن هذا لم يمنع الاحتلال الإسرائيلي من التمادي في جبروته.
فمن ضمن هذه الاتفاقيات، اتفاقية جنيف الرابعة الموقَّعة في عام 1949 والبروتوكولات الإضافية لعام 1977 توفّر حماية خاصة لصالح الأطفال خلال النزاعات المسلحة. وغيرها من الاتفاقيات مثل اتفاقية حقوق الطفل والتي وقعِّت بتاريخ 1989م.
وعلى صعيد الجانب الإسرائيلي لقد تجاوز الاحتلال الإسرائيلي هذه القوانين ليصنع له قوانين خاصة له في حال الطوارئ تُجيز له اعتقال الأطفال من ضمنها:
قانون الطوارئ لعام 1945: تستند إسرائيل في اعتقالها للمواطنين الفلسطينيين، خاصة من المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية على قانون الطوارئ لعام 1945؛ رغم أن هذا القانون ألغيِ بمجرّد صدور الدستور الفلسطيني؛ ولا يحق لإسرائيل استخدامه عند اعتقالها لمواطنين من الضفة الغربية وقطاع غزّة.
الأمر العسكري رقم 1500: الذي أطلق العنان ليد الاحتلال الإسرائيلي في اعتقال أيّ مواطن فلسطيني، بصرف النظر عن عُمره لمدة 18 يوماً؛ من دون عرضه على محكمة، ومن دون السماح له بمُقابلة محاميه. ويسمح هذا الأمر بتمديد فترة الاعتقال هذه حسب قرار القائد العسكري الإسرائيلي.
الأمر العسكري رقم 101: الذي يسمح بالحبس لمدة أقصاها عشر سنوات؛ كعقوبةٍ على المشاركة في تجمّع يضمّ عشرة أشخاص أو أكثر؛ تعتبره إسرائيل تجمّعاً سياسياً؛ أو المشاركة في توزيع مواد ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ أو حتى رفع العَلم الفلسطيني.
الأمر العسكري رقم 132: الذي يعتبر الطفل الفلسطيني الذي يتجاوز 16 عاماً، شخصاً ناضجاً.
في الوقت الذي يشهد فيه العالم على جرائم الاحتلال المُرتكَبة بحق أطفال فلسطين وكثرة المنظمات التي تدافع عن حقوق الطفل ، إلا ان هذا لم يردع سياسة إسرائيل الإجرامية المُرتكَبة بحق أطفال فلسطين.