"أنفاق" حزب الله: لن تشكّل سترةً واقية لنتنياهو
لقد تحدّث السيّد حسن نصر الله، رئيس وأمين عام حزب الله، عدّة مرات وقبل فترة من الزمن، بأن مُجاهدي حزب الله سيحتلّون الجليل إذا حاولت إسرائيل شنّ حرب على لبنان، وبالتالي لماذا الآن فكّرت القيادة الإسرائيلية بالأنفاق، وخاصة إذا كانت قديمة ومُعدّة قبل تهديد السيّد نصر الله باحتلال مناطق الجليل.
بعد أيامٍ قليلةٍ من تولّيه منصب وزير الدفاع، إضافة إلى كونه رئيساً لوزراء "إسرائيل" ووزير خارجيّتها، أمَرَ بنيامين نتنياهو الجيش الإسرائيلي بالقيام بعمليةٍ في الشمال الفلسطيني المُحتل أطلق عليها إسم "درع الشمال"، هدفها الأول والأخير تدمير أنفاق حزب الله التي اخترقت الأراضي في الشمال لمسافةٍ تتراوح بين 40 و50 متراً. وادّعى الجيش الإسرائيلي أنه اكتشف أربعة أنفاق وقام بتدميرها. وحذّر مُجاهدي حزب الله من الدخول إلى هذه الأنفاق لأنها مُفخّخة الآن!
وقامت إسرائيل عقب هذه الحملة العسكرية المستمرّة حتى الآن باستغلال هذه الأنفاق لتوجيه الاتّهامات إلى كلٍ من حزب الله وإيران. وطالبت الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي بوضع حدٍ لانتهاكات حزب الله لعُمق أراضي "إسرائيل"، عِلماً أن إسرائيل تنتهك حُرمة سيادة لبنان مرات عديدة في اليوم الواحد!
حزب الله بقيَ صامتاً ولم يردّ على هذه المزاعم الإسرائيلية حول وجود هذه الأنفاق، وقالت مصادر مُقرّبة إليه أن هذه الأنفاق قديمة جداً، وليست لها أية أهمية. وما يؤكّد صحّة ما تقوله المصادر المُقرّبة اليه ما يأتي:
- لقد تحدّث السيّد حسن نصر الله، رئيس وأمين عام حزب الله، عدّة مرات وقبل فترة من الزمن، بأن مُجاهدي حزب الله سيحتلّون الجليل إذا حاولت إسرائيل شنّ حرب على لبنان، وبالتالي لماذا الآن فكّرت القيادة الإسرائيلية بالأنفاق، وخاصة إذا كانت قديمة ومُعدّة قبل تهديد السيّد نصر الله باحتلال مناطق الجليل.
- أبدى سكان شمال فلسطين القاطنين في المستوطنات المُقامة بالقرب من الحدود مع لبنان ارتيابهم وخشيتهم من أن حزب الله يحفر الأنفاق تحت بيوتهم لأنهم يسمعون أصوات الحفر.. وردّ الجيش الإسرائيلي وقتها وقبل عدّة سنوات بأنه "فَحَصَ" الأمر، ولم يجد أن هناك حفريات كما يتخيّل لهم.
- إذا كانت هناك أنفاق بالفعل وتم اكتشافها من قِبَل الجيش الإسرائيلي فلماذا يقوم هذا الجيش بتدمير هذه الأنفاق والإعلان عن ذلك، بدلاً من اتّباع سياسة الكتمان العسكري والمفاجأة لمجاهدي حزب الله في حال نشوب مواجهة عسكرية، وأسرهم، ولو حتى في وقت السلم والهدوء، أي بمعنى آخر تحويل هذه الأنفاق إلى كمائن لمُجاهدي المقاومة.
- خلال عام على الأكثر، ستُجرى انتخابات تشريعية في إسرائيل، وقد يتم تقديم موعدها للأشهر القليلة القادمة قبل موعدها المُقرّر في شهر تشرين الثاني من العام القادم 2019. وفي هذه الفترة هناك صراع على حقائب وزارية، وخاصة حقيبة وزارة الدفاع التي اختطفها نتنياهو له، وأفشل مساعي زعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت للحصول عليها بعد أن تركها وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان بعد تقديم استقالته من هذا المنصب، وترك حزبه للحكومة الائتلافية الحالية. يستغلّ نتنياهو هذا المنصب الأمني الكبير ليزيد من شعبيته داخل أوساط اليمين الإسرائيلي، وليثبت أن ما يقوم به لم يقم به وزير الدفاع السابق ليبرمان أو مَن سبقوه في توليّ هذه الحقيبة الأمنية المهمة! وأنه مسؤول وقائد وطني. ولا بدّ من أن يحميه الشعب ويدعمه في مواجهة مُلاحقته البوليسية لتقديمه للمحاكمة بتهم فساد في ملف أو أكثر من ملفات الفساد التي يتمّ التحقيق معه حولها!
- هذه الحملة العسكرية توجّه رسالة إلى دول خليجية وعربية وإسلامية تطلب منها المضي قدماً في التطبيع مع إسرائيل لأنها ضد "حزب الله" وضدّ إيران. وأن "إسرائيل" قادرة على المواجهة، وعلى توفير الدعم لهذه الدول ضدّ إيران. أي أن نتنياهو يستخدم هذه الأنفاق لشنّ حرب نفسية ضدّ أعدائه، وفي الوقت نفسه لشنّ حملة نفسية جذّابة وإيجابية على المُطبّعين لكي يواصلوا خطواتهم التطبيعية مع إسرائيل من دون أيّ خوف أو تردّد.
خلاصة القول، إن نتنياهو يستغلّ قضية أنفاق حزب الله المُفتَعلة للحصول على مكاسب ذاتية. ويستخدم هذه الأنفاق أيضاً لتشكّل له درعاً حامية له وسترة واقية له من رصاص التحقيق الذي قد يقضي عليه سياسياً واجتماعياً، ولكن أهداف هذا الاستغلال لن تتحقّق لأن الأمر مكشوف وهذا سيُثبته الزمن.