لماذا يمدّ بوتين يده لابن سلمان؟
أجواء العزلة التي يعيشها ابن سلمان تعبّر عنها أجواء قمة الارجنتين، حيث لايجد ابن سلمان غير لقاء بوتين ولقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. والمفارقة أن بوتين وماكرون يمهّدان الطريق لسقوط ابن سلمان بين أحضانهما حين يتراجع ترامب في أميركا ويتراجع عن فرض شوطه على روسيا وأوروبا والصين والعالم.
لقاء الرئيس الروسي بمحمد بن سلمان في قمة الارجنتين مثير لأسئلة كثيرة، وعلى الأخص ماذا يخطط بوتين لمستقبل العلاقة الروسية مع السعودية. فابن سلمان يمرّ بأسوأ عزلة دولية وشعبية تتعرّض لها السعودية ويتعرّض لها وليّ العهد الذي بات التقاء الزعماء به تهمة شائنة.
وفق مستشار الكرملين يوري أوشاكوف في حديثه للصحافيين إن "الهدف الرئيسي من هذا اللقاء هو تطوير العلاقات بين روسيا والسعودية"، بعد أن أثنى بوتين على دور السعودية في الحصول على النتائج الايجابية في منظمة الاوبك.
لكن بوتين ربما يسعى لمحاولة احتواء ابن سلمان، مستفيداً في ذلك من تجربته مع تركيا التي مدّ لها بوتين يده حين بدأت عوارض الخلافات بين أنقرة وواشنطن. وفي نهاية المطاف نجح بوتين في توسيع شقة الخلافات بين الطرفين بمقدار ما نجح تفاهمات بوتين والرئيس التركي من ابتعاد تركيا عن الحلف الأطلسي وهذا الأمر شديد الأهمية لروسيا من الناحية الاستراتيجية الطويلة المدى.
ففي خلال أحداث القنصلية السعودية الساخنة التي لفّت العالم، تجنّب بوتين توجيه أي انتقاد صريح لابن سلمان أو للسعودية، بل على العكس من ذلك أنحى باللائمة على واشنطن قائلاً "على حدود علمي (خاشقجي) اعتاد أن يعيش في الولايات المتحدة ... وفي هذا الصدد أشار بوتين إلى بعض المسؤولية على الولايات المتحدة، كما علق "لا نعرف ما حدث في الواقع، لذا لماذا نتخذ أي خطوات تقود إلى تدهور علاقاتنا مع السعودية". ويٌعزى هذا الأمر من وجهة نظر البعض إلى المصالح المتبادلة في مجال النفط ومنظمة أوبك.
صحيفة "التايمز" الأميركية أشارت في تقرير لها إلى أن موسكو والرياض قد وقعتا اتفاق تعاون في مجال الإنتاج النفطي في عام 2016، قاد إلى الحد من تخمة المعروض من النفط الخام في الأسواق ورفع أسعار النفط، مضيفةً أن السعودية تطلب من روسيا الآن خفض الإنتاج النفطي ثانية بعد انخفاض الأسعار بنسبة 23 في المئة هذا الشهر.
وبحسب الصحيفة فإن بوتين يأمل استخدام نفوذه مع ولي العهد السعودي لأجل إبقاء وتيرة الانتاج النفطي الروسي مستمرة من دون تخفيض، فالإنتاج العالي أكثر أهمية من الأسعار المرتفعة بالنسبة للمنتجين الروس لدوافع تخص موسكو. وقد تكون مراهنة بوتين على هذا الأمر بعيد المنال لأن ترامب الذي يحمي ابن سلمان بشكل رئيسي يشترط بدوره على السعودية زيادة الانتاج وعدم تعريض الأسواق الدولية لنقص يؤدي إلى زيادة الأسعار وذلك يساعد ترامب على طموحه ضد إيران وروسيا.
ربما يخطط بوتين على المدى المتوسط لمرحلة لا يستطيع ترامب الاستمرار في تقديم الحماية الكافية لابن سلمان تحت تأثير الضغوطات الاميركية ضد ترامب وابن سلمان، وفي هذه الحالة ربما يتوقع بوتين استمالة سعودية باتجاه موسكو يصاحبها شراء أسلحة روسية أو حتى توسّع بعض المصالح. وبقطع النظر عن المراهنات الكبيرة للرئيس الروسي في منطقة الخليج على المدى الأبعد، يحمل بوتين في لقائه مع ابن سلمان مسائل كثيرة يمكن التداول فيها ولا سيما الملف السوري في ظرف يضغط فيه ترامب على ابن سلمان لزج السعودية في الشمال السوري وشرقي الفرات.
أجواء العزلة التي يعيشها ابن سلمان تعبّر عنها أجواء قمة الارجنتين، حيث لايجد ابن سلمان غير لقاء بوتين ولقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. والمفارقة أن بوتين وماكرون يمهّدان الطريق لسقوط ابن سلمان بين أحضانهما حين يتراجع ترامب في أميركا ويتراجع عن فرض شوطه على روسيا وأوروبا والصين والعالم.